18‏/02‏/2009

في حجرتي...عبقروهم!!


أعود من الخارج...وبمجرد دخولي الغرفة أشعر ببعض الدفء.
لكم أعشق الشتاء من أجل موقف دافئ كهذا.

أُضيئ النور بالغرفة لأري الآتي.

"المتنبي" يجلس علي الكرسي وقد أغمض عينيه وأتكأ للخلف وهو يُنشد:

ذو العقل يشقي بالنعيم بعقله
وأخو الجهالة بالشقاوة ينعـمُ

ثم نظر الي "أمل دنقل" النائم علي بطنه بعرض سريري ويُمسك بديوان شعر لـ"محمود درويش" وقد أراحه علي الأرض ثم رفع رأسه ببطئ وكأننا في حلم ثم قال:

هي أشياء لا تـُشتري

لم أعرف ان كان يقصد بذلك ما قصده حين قالها أول مرة أم يقصد العلم الذي تكلم عنه المتنبي!!
وحاولت أن أسأل "محمود درويش" القابع أمام مكتبي ولولا احترامي له لكان هناك كلاماً أخر عن جلوسه هناك.

انتفض درويش قبل أن أسأله ورفع ذراعيه عالياً وقال:

سجَّـل أنا عربــــــي
لون العيـن...بـنـــي
لون الشعر... فحمي

عاد الدم يجري في عروقي بعد المفاجأة الظريفة المتمثلة في انتفاضة درويش ، حاولت الابتسام وأنا ألتفت لتصطدم عيني بعين "الأبنودي".

رائع جدا...يبدو اني الأحمق الوحيد هنا.

اتسعت ابتسامتي علي سبيل التحية ، ولكنه قابل الابتسامة بعبوس صعيدي محترم ثم قال:

وطنك؟...متباع
سرك؟...متذاع
الدنيا حويطة وانت...بتاع!!

قال "بتاع" بطريقة فيها إهانة بعض الشئ وان كنت لا أنكر إني أشعر بكوني "بتاع" في بلدي الحبيب.

شعرت بالاختناق ، ووضعت يدي علي حنجرتي ، ترنحت الي أقرب كرسي لي.
وكان "أحمد مطر" يجلس بجانبي.
ابتسم ابتسامة باهتة قليلاً وقال:

ياأيها المدفون في ثيابه
ياأيها المشنوق من اهدابه
ياأيها الراقص مذبوحاً علي أعصابه
ياأيها المنفي من ذاكرة الزمان
شبعت موتاً...فانتفض.

عبقروهم - جن وادي عبقر - يقف بقامته الفارعة في وسط الغرفة ولدهشتي بلا دخان أو نار ، يبدو انه جن يحترم نفسه.
نظر لي نظرة طويلة بلا معالم أو ملامح ثم قال:
كل هذا التراث مما سمعت وحتي الآن لم يخرج صوتك من حنجرتك ثائراً!!

فتذكرت أبيات كتبتها يوماً ما...ذكرها هنا سيكون حماقة وسط كل هؤلاء العمالقة.
فنظر لي عبقروهم نظرة بمعني "انطق"
فقلت:

وحين جاء الموت ليقبضني
ضحك وقال
كيف أقبض من كان ميتاً بالكتمان؟؟!!

12‏/02‏/2009

الغرباء 2

حين تنظر الي الغريب السياسي تندهش وتشعر ان كل فرد في مصر له نهجه الخاص الذي يختلف به مع باقي الأفراد والا لما كان غريباً.
فالغريب السياسي هو:

هو الرجل الذي ينتمي للحزب الوطني ويتكلم عن انجازاته متجاهلاً كل الفوضي العارمة والفساد السياسي الفاحش من رؤوس الحزب الوطني.

هو الرجل الذي ينتمي لحزب الغد متصوراً أن السيد أيمن نور هو مـُنقذ مصر الأول برغم كل ما بيـّنه المذكور من ولاء لماما أمريكا وصراحته الشديدة في خطابه الأخير لأوباما في اعلان انه سيصبح عميل أفضل اذا تم استبداله بمبارك!!

هو الرجل الذي ينتمي للأخوان المسلمين مردداً أن "الاسلام هو الحل" برغم ان الاسلام كرّم مصر وأهلها ولم يقل "طظ في مصر" كما قال مرشدهم العام.

هو الرجل الذي ينتمي لحزب الوفد مقتنعاً بكونه حزب سوف يطبق الديمقراطية اذا وصل الي سـُدة الحكم مع ان الصراع علي كرسي رئاسة الحزب يبين مدي كذبهم ونفاقهم.

هو الرجل الذي ينتمي للحزب الناصري متصوراً انه "اذا مات عبد الناصر فكلنا عبد الناصر" ولكي لا يـُصدم أذكره بأن الحزب الناصري هو الحزب الأكثر تفككاً في الأحزاب السياسية في مصر.

هو الرجل الذي ينتمي لأي حزب سياسي في مصر متصوراً انه سوف يغير من مستقبل مصر الغامض كسواد ليل حالك للأسف.

لقد كفرت بكل أحزاب مصر السياسية ،ولم أجد غير حزب واحد فقط ابتدعه العبقري"محمود السعدني" وهو حزب "زمش" وتعني "زي مانت شايف"!!

ملحوظات.

-غير مؤيد أبداً لم يحدث للسيد أيمن نور.
-أكره وبشده قيادة الاخوان ولكن التنظيم نفسه له فكره المحترم علي الأقل في معظم الأوقات.
-لم أنسي تاريخ الوفد العريق.
-عشقي لشخصية عبد الناصر بعيد عن هجومي علي الحزب المنسوب اليه.
-انت شايف ايه؟؟ ولا زي مانا شايف.

راجع الغرباء 1 ان شئت.

01‏/02‏/2009

العدالة والثورة...والعكس

حين غابت العدالة في أواخر عهد أسرة محمد علي وصار الطغيان والفساد هو الحاكم الأوحد لكل شئ في البلاد ان كان هذا الشئ تجارياً أو زراعياً أو صناعياً،ويشمل الظلم كل شئ متعلق بموارد البلاد الكبري سواء كانت الأراضي الزراعية التي تجلي فيها الفساد علي شكل ظهور الاقطاعيين ذوي الجنسيات الغير المصرية والمصرية أحياناً،أو مورد أخر هام هو قناة السويس والعقد الظالم الذي أبرمته الحكومة المصرية تحت رعاية "أفندينا" الذي جعل احتكار ربح القناة لكل شخص أجنبي في البلاد ويـُحرم منها المصريين!!

وفي ظل كل هذا الظلم الاجتماعي يتسرب شعاع من العدالة الي مصر علي شكل دخول أبناء الطبقات الكادحة والمـُعدمة الي صفوف الجيش والذي بدوره أتي بالثورة لتطيح بنظام امتلأ بالثغرات والتشققات ومعرض للانهيار ولا ينتظر سوي ثورة!! كما الوضع الآن!!

وحين قامت الثورة وطبقت في الفترة التي تلي 52 أهداف الثورة وصعد للمجتمع الراقي بعض من أبناء الطبقات السفلية من المجتمع وسيطر علي الحكم ومقاليده في مصر ضباط من الجيش وهذا ما حدث بالتدريج وكان بداية النهاية للثورة حتي ان رؤساء تحرير الصحف أنفسهم كانوا ضباطاً وان كانوا لا يمتلكون موهبة الكتابة ولو حتي دفاعاً عن الثورة!!

نأتي بعد ذلك لأخطاء عبد الناصر من حرب اليمن وحلم القومية مع أناس لا يعرفون سوي لغة "بيع النفط واصرف دولارته علي الشقراوات" وهذا باعترافهم قبل اعتراف الغرب بذلك،ونأتي أيضاً الي شخصيات من الضباط الأحرار وكانوا من أبناء الذوات قبل الثورة مثل "عبد الحكيم عامر" الذي كان ولا زال سبباً رئيسياً في هزيمة 67،وخطأ عبد الناصر في ترقيته لـ"عامر" من رائد الي لواء مباشرة زاد من أطماع عامر بعد ذلك،اما عن صلاح نصر فحدث ولا حرج.

كل ذلك أدي الي وجود الظلم مرة أخري علي المصريين،وقد كان من المفترض عليهم أن يثوروا في وجه العبودية لأنهم ذاقوا طعم الحرية وهذا ما فعلوه مع السادات علي استحياء في وقت زياة أسعار بعض السلع الضرورية للأسرة المصرية.

الخلاصة انه حين تسللت أشعة العدالة وسط ظلام الظلم نبتت الثورة وحين سيطرت الثورة ونسفت مبادئها بنفسها عاد الظلم،فكيف بنا كشعب ذاق طعم الحرية ألا يثور علي حكم فاسد كالحكم الحالي؟!

الأجواء الآن تشبه والي حد كبير الآجواء قبل 52،"الطبقية الاجتماعية" فلقد انقسم الشعب لمليونيرات وشحاذين وطبقة وسطي تكاد لا تـُذكر،وعن "الطائفية" فيكفي ما نقرأه في الجرائد كل عام عن حوادث الطائفية خاصةً في الصعيد،وعن "الفساد السياسي" أعتقد انه لا يوجد فساد أكثر من أن يقف "جمال مبارك" ليقول "احنا"و"سياستنا" متكلماً عن قضية غزة واضعاً نفسه في موقف سيد القرار وربان سفينة البلاد مع ان خبرته لا تتعدي خبرة سيد بائع الفول وليس سيد قرار!!

العدالة علي مسافة ثورة
فهل نحن أهل لها؟؟

Blogger template 'WateryWall' by Ourblogtemplates.com 2008