04‏/09‏/2009

الشاهد



- "عبد الجواد الفرماوي"

هكذا نادي حاجب المحكمة علي اسمي وقد رفع به عقيرته حتي ظن الناس انه يبغي ان يصيبهم بالصمم...أما أنا ففكرت انه قد نطقها بعلو صوته بعدما ظن ان سنوات عمري السبعين قد أثرت علي سمعي بالتأكيد.

أدخل من باب المحكمة لأجد أن أنظار الجميع كلها وبلا استثناء تتجه لي وأنا أسير متكأً علي عصاي...وأسير لنظراتهم التي وجدت فيها الاهتمام كل الاهتمام...اهتمام لم أجده أبداً في حياتي وعلي مدار سبعين عاماً هم كل عمري...ولما لا يهتمون وأنا الشاهد الوحيد علي قضية قتل!!

في طريقي الطويل نسبياً من باب المحكمة الي منصة الشهود أتذكر تفاصيل الحادث.
كنت ذاهباً إلي صلاة الفجر...ورأيت بعيني تلك أحد الشباب يقتل آخر وقد أغمد السكين كاملاً في قلبه ثم نظر الي عين القتيل قـُبيل لحظات صعود روحه وقال له : افتكر العين دي يا بـُنـْي...ثم أخرج السكين ليعيده الي موضع آخر في قلب القتيل...لقد أنهي حياته تماماً.
كنت قريب جداً منهم علي الجانب المقابل المظلم تماما من الشارع لذلك لم يشاهدني القاتل وكانت الجريمة قد حدثت تحت عمود كهرباء ذو مصباح معطوب ولكن العمودين السابق والتالي لهذا العمود كانا مضيئين لهذا كان مسرح الجريمة - كما يدعونه في التحقيقات - شبه مضئ ، تلك الاضاءة التي جعلتني أُدرك سر كلمة بـُنـْي التي لفظها القاتل...فلقد كان المقتول أسود البشرة...زنجي تماما!!

أقف علي المنصة وأقسم بالله أن أقول الحق ثم يسألني القاضي عن ماذا رأيت فأحكي له ما حدث وبصوت ثابت حاولت ألا يظهر فيه أي وهن قد أنتجته سنوات عمري..ثم طلب المحامي أن يسألني بضع أسئلة فوافق القاضي...فسألني محامي القاتل:
- نظرك سليم ياعم عبد الجواد؟؟
- الحمد لله يابني.
ابتسم ابتسامة شبه ساخرة وقال:
- أصلك عجوز أوي علي انك تقدر تشوف في توقيت ز...............
كان قد تعمد ان يخفض صوته علي قدر الامكان لكي يختبر سمعي ولكن بأسلوب أكثر خبثاً من طريقة الحاجب...ولما لا وهو محامي يبدو عليه الخبرة.
ارتبكت قليلاً وحاولت أن أوضح للقاضي انه يخدع المحكمة لكي يـُثبت كذباً اني لم أسمع شيئاً من جملة القاتل العنصرية...نظرت مستغيثاً الي محامي المجني عليه الذي عينته المحكمة...وكان قد جلس وكأن الأمر مـُعد من قبل...الأمر أشبه بمسرحية رديئة التمثيل.

ثم قال المحامي بطريقة مسرحية بعدما نفخ صدره بالهواء وكأنه علي وشك القول الفصل في القضية :
- وهكذا يتبين لنا أيها السادة ان الشاهد الوحيد علي تلك الواقعة المزعومة لا يـُؤخذ بشهادته لكونه عجوز طاعن في السن لا يقوي علي السمع والبصر كي يشاهد كل تلك التفاصيل...تفاصيل كادت أن تجعل من تلك القضية أول قضية عنصرية لونية في مصر.
ثم أخذ نفساً عميقاً وقال وقد أغمض عينيه:
- الحمد لله ما زلنا بلد الأمن والأمان.

نظر لي القاضي وقال في لهجة لم تعجبني اطلاقاً :
- تقدر تتفضل ياحاج.

استدرت عائداً الي باب المحكمة ولا أقوي علي رفع عيني الي تلك العيون التي تشيعني باللعنات لكوني كنت سأتسبب في مقتل شاب...هي هي نفس العيون التي شيعتني بالاهتمام ساعة دخولي منذ دقائق...ولكنه دهاء المحامين...ذلك الدهاء الذي جعله يجعل من كهولتي حجة لعدم وقوع جريمة بهذا الشكل...ولكني أعلم السبب الحقيقي وراء عدم أخذه بشهادتي...سبب ظللت بسببه شبه منبوذ من المجتمع طوال سنوات عمري الطويلة...
رفض شهادتي وبكل بساطة لأني أسود اللون.

تمت.

01‏/09‏/2009

كلام فارغ

يخيل للمرء أحيانا انه ذو أهمية ، لذلك حين يتصرف علي هذا الأساس...يتحول هذا الشخص الي السخف سائراً علي قدمين.
يخيل لي أحياناً أني ذو موهبة في الكتابة..لا لشئ سوي اني أفكر بالفصحي...لا تعجب...ففي رأسي أشياء لو رأيتها لقفزت حواجبك تلامس النجوم ولشهقت كشهقة إمرأة بدينة انحشر الطعام في فمها.

نخرج من الاستطراد الأخير اني أسوأ من كتب شئ وان كان "بلزاك" يتفوق في الاستطراد.

حين تشاهد "الكابوس" الذي يحكي قصة حياة "أبو حفيظة" قد تشعر بأن التهييس وصل مبلغه مع المصريين...ضع مع هذا أشياء من طراز "لمبة شو" وما شابه من تلك البرامج التي ينحشر لها الطعام في فم المرأة البدينة بأعلي.

أحيانا يتبدي بي الجنون فأريد الكتابة في الممنوع...أي ممنوع...كالجيش والقضاء والجنس والدين وإبداء آراء تجعلني مستفزاً أو غبياً أو متحذلقاً...وأربت علي كرشي - الغير موجود لنحافتي - حين أري كم هائل من الشتائم في التعليقات...يبدو انه شعور رائع لهذا لا أكتب تعليقاً عند المستفزين والأغبياء.

من باب التهييس المضحك ان التفكير في شرب الحشيش أمر ظريف جدا ، مع أكل بعض الحلويات في الهواء الطلق بعد شرب الحشيش . أراهنك علي اني سأصبح أظرف كاتب في قناة موجة كوميدي أو ما شابه.

نخرج من هذا بأني لا أملك موهبة الكتابة...وألا تشاهد "لمبة شو" وانت تأكل....واني لا أمتلك كرشاً...وأني سأكون كاتب جيد لو شربت حشيش....وأن هذا النص غير صالح للنشر.

Blogger template 'WateryWall' by Ourblogtemplates.com 2008