17‏/06‏/2009

إني عائـــــد


"في صحراء سيناء هواء الفجر له طابع خاص...له بريق وله هدوء....ورائحة البحر القريب تـُشعرك بالانتعاش"....كانت تلك كلماته لها....لذلك كانت كل يوم تصعد لأعلي البيت وترفع كفها كي يلامس جبينها ناظرة الي الصحراء الممتدة أمامها غرباً....لعلها تراه.

تذكر أن أمها حكت لها يوماً عن حلم....حلم تسلل لنومها وهي تحملها جنيناً في بطنها...كانت قد رأت عجوز حلبت الماعز وأعطتها الاناء وكان اللبن فيه شديد البياض...ثم قالت العجوز لأمي:"بدي ينجلع لي عين..وأعرف من راح يشرب هذا الطلس"...أخبرتها أمها أنها هي الطلس...لا بل اللبن الأبيض الطازج...فتـُري ياحبيبي هل تكون أنت شاربه؟؟

كان جندياً رائعاً....انطلق عشرات المرات مع زملاؤه من بيتنا لتخريب وحدات جيش العدو العسكرية....أحبها وأحبته....طالما نظرت لنفسها في المرآة لتتذكر كلماته متغزلا بها واصفاً سحرها الأسمر كما كان يدعوه....طلب منها الزواج....قبلت ولكن قبولها كان مشروطاً بأن تنتهي الحرب.

وفي يوم العبور جاءها مهللاً ومبشراً بأنهم لن يهدأوا حتي يقتلوا كل عدو مغتصب....واستمر في القتال حتي أًوقف إطلاق النار...حينها ظل يـُرسل لها الخطابات....كان يذكر حكمة الرئيس السياسية ولكنه يشتاق الي الحرب....كان يقول "لمثل هذا وُلدت".

تذكر خطابه بعد إتمام إتفاقية السلام....كان حزيناً بل كان مطموساً بالحزن....أخبرها فيه بأن "كيف نضع أيدينا بأيدي من قتلونا وقتلوا اخواننا"...وكانت خطاباته بعدها أشد حزناً....كان يذكر الكثير عن التطبيع...والانفتاح....وأشياء أخري لم تفهمها ولكنها كانت تحزنها لا لشئ سوي انها تـُحزنه.

هواء الفجر يداعب شعرها المتناثر...تتذكر أحلامه عن زواجهما...وكيف ان الجيش سوف يكرمه....وسوف نبني بيتاً في قريته...ونتزوج ونربي أولادنا حتي يصبحوا قادة عظام....قال انها في حياته كشمس لها دفء خاص....دفء سيجعله أفضل الرجال.

في خطابه بعد مقتل الرئيس...كان شعوره متناقضاً...يذكره بالخير مرة ويذكره بالشر أخري...يخشي أن تسقط البلاد من بعده...ولكنه يثق في اختياره للنائب...يتوجس من الرئيس الجديد...ويقول انه اشترك في الحرب....ولكنها الرئاسة حيث لا يعلو صوت فوق صوت العقل...هكذا كان يقول..وهكذا كانت تؤمن.

انقطعت خطاباته عنها...وانقطعت أخباره...وظلت تتسائل..هل هي النهاية؟؟....لا ليست النهاية...فقد كان ينهي كل خطاب بكلمات أظنها خالدة...كان يكتب "إني عائد"....تـُري هل سيعود حقاً...طالما كانت خطاباته لها هي مأوي ومنفذ له كي يشعر بالبراح والارتياح....يتحدث بلا رقيب وبلا مانع....وقد كانت هي خير مستمعة...تتألم لألمه...وتفرح لفرحه.

ألمها خطابه الأخير جدا....لأنه كان يتألم أيضاً...كان يتحدث عن الرئيس الأزلي حسب تعبيره...يقول لها ان الرجل صار بلا أي قيمة تـُذكر....وأخبرها أن الانفتاح الذي كان غاضباً منه....صار الآن حلم جميل صعب المنال في ظل توحش رجال الأعمال في بلادنا....كان يشكو من كل شئ....ويبكي علي كل شئ...ولكنه برغم اليأس المتفجر من خطابه... خرجت نبتة الأمل متمثلة في قوله....."إني عائد".

لذلك كانت تصعد كل يوم فجراً إلي أعلي البيت...تبحث بعينيها عنه في الصحراء...لعله يكون قد أتي من رحلة طويلة....فتمد له راحتيها....وتسهر علي رأسه وهو نائم....وحين يفيق من التعب..يتزوجها...وينجبا القادة الذي حلم يوماً بإنجابهم.

أخبرها بأنه سيعود...وهي تنتظر لأنه قال...."إني عائد".

14 التعليقات:

سلوي

السلام عليكم

اولا اهنيك ع التجديد ف المدونة بس عارف ...لما دخلتها المرة دى حسيت بغربة ووحشة وخصوصا من تغيير الاسم.

اما بانسبة للموضوع ...فهو بالفعل كان يستحق كل هذه الغيبة
شكل كتاباتك ااختلف جدا الاسلوب..الاتجاه..حتى الشعور..كل شىء
بحث داخل النفس البشرية ..بتدخل من جانب وتتعمق ف اخر وتبحث عن شىء ما ف جانب مختلف ..كل ذلك بنفس النفس.

بجد جميل جدا وعودة موفقة للغاية...

ف انتظار المزيد لتكمل ما بدأت.

غير معرف

الله عليك يا سمسم جمده والله
1) هوه قاده عظام بس هيه اللى اتعمل لها تعليق فى دماغى وبلاش سخافه يعنى فعديها
2)ادبيا القصه جميله جداااااا
3) يا بنى اكلت فروه الراجل وما تسيب له الكورسى وخليه فى حاله وبعدين ده زعيم ملهم وقائد محنك وسلم لى بقى على التوروماى
4) وبعدين يا بنى عمك سعد قال مافيش فايده
يعنى تشوف بنك تانى تحط فيه الفلوس
واخيرا وليس اخيرا
عودا عودا
وعودا حميدا

عيون

الف مبروك على التجديد,بجد الموضوع تستحق التغير له.الموضوع جميل جدا واجمل ما فيه انه دمج الحزن والانتظار وطول البال والحب الذى من اجله تفعل كل شى والامل انه راجع لانه يقول "انى عائد"وتحمل مسوليه بلد ويحاول الحفاظ على كرامتها حتى ولو على حساب نفسه.
فى النهايه بجد الموضوع تحفه اوى اوى . ونتمنى المزيد من التجديد والتطوير فى الكتابه.

مصــــري

سلوي

مفيش داعي لوجود الغربة والوحشة دي.
أنا ذكرت شوية أسباب لعلها تفي بالتساؤل عن تغيير الاسم.

أما بالنسبة لاختلاف الاسلوب فده طبيعي لأني قرأت كذا حاجة أتأثرت بيهم بشدة.

أما بقي عن اللعب في النفسيات فأنا باعتبر المدرسة دي هي أروع المدارس الأدبية.

أتمني أن يكون القادم أحسن بإذن الله

تحياتي
أسامة

مصــــري

غير معروف

يابني هو حرام تمضي ليك باسم يعني...ده انت غريب...ما علينا.

الحمد لله انها مش قلبت سخافة...كان هاتبقي بهدلة.
الحمد لله انها عجبتك أدبيا ودي أهم حاجة.
أما بقي الراجل والكرسي فده مرض فيا مش عارف اتخلص منه.
ما أنت عارف بقي.

تحياتي
أسامة

مصــــري

عيون

أولا منورة والله
ثانيا..أنا مبسوط ان الموضوع عجبك والدمج اللي كنت تقصديه.
بس هو عادة بتنشأ مع الحرب عاطفة.
فكرة قديمة بس الصياغة كانت جديدة.
بأحس ان اللي قبلنا كتبوا كل حاجة.

تحياتي
أسامة

ستيتة

والله يا أسامة لولا ان ربنا سبحانه وتعالى بشرنا انه عائد ما كنت صدقت

كنت قلت ده فلسع وهرب واتغطى ونام النومة الأبدية

بس طالما ربنا قال أنه عائد يبقى عائد رغم أنفه
يمكن يستنى شوية على ما يتصلح حاله لكن مؤكد عائد

هي بقى بقى لها 7000 سنة صابرة
تصبر شوية كمان بكرة يرجع بعد ما الحجر والشجر يقول له يا مؤمن خلفي يهودي تعالى فاقتله

تسلم ايدك حلوة قوي

مصــــري

خالتي ستيتة

هي والله صبرت كتير أوي.
والحمد لله ان المصري لسة موجود بطبعه بس بنسبة تكاد تنعدم.
أنا أتمني ان عودته تكون قبل انعدام الطبقة دي.

تحياتي
أسامة

عدنان أحمد

السلام عليكم

يبدو إن الأصفاد كانت بتقيدك
ما إن تحررت منها حتى تفجر الإبداع

القصة نفساوية اوي و فيها حاجه بتلمس القارئ من جوا

رجوع قوي و موفق

تحياتي

مصــــري

عدنان

ربنا يكرمك ياعدنان
والله الكلام ده من غيره لا أساوي شئ

أتمني أن تعجبك القادمة
وخاصة ان عليها مشاكل بيني وبين نفسي.

تحياتي
أسامة

Che_wildwing

عائد آه
ابقى قابلنى
مصيبتنا يا أوس ان اجنا بنمنى نفسنا كتير من غير مانعمل أي حاجة
تمام زي اللى عايز يكسب اللوتارية من غير ما يشتري التذكرة
.....
مبروك الاستايل الجديد
بس انت ليه معملتش شعرك سبايكي بالمرة b:

مصــــري

عمي تشي

المتشائمين اللي بيشجعوا مصر..واحنا معاهم.
طب افتح نفسي بكلمتين أمل واخواتها
تصدمني كده
اهو أنا ماشترتش تذاكر لحد دلوقتي.

فكرت اعمله سبايكي بس هو ينفع مع الدقن؟؟؟

تحياتي
أسامة

غير معرف

السلام عليكم

أخى العزيز اسامة

حمد الله على السلامة

ليك وحشة والله

حميل جدا أن تعود وأن تحرر عقلك من الاصفاد وأن تكتب للكتابة

هذا عن العودة

أما عن إنى عائد

فرائعة جداا ولها بعد سياسى ونفسى ممتزجان فى قوة جميلة

سلمت أناملك
ارى أن فترة التوقف قد زادتك ابداعا

تحيتى

مصــــري

أخي عرفة

ليك وحشة والله
وشكراً علي اطرائك الجميل
وأتمني أن أكون كما تظن

تحياتي
أسامة

Blogger template 'WateryWall' by Ourblogtemplates.com 2008